تسال إحدى السيدات، طفلى عمرة 11 عاما، ولاحظت عليه مشاهدة التليفزيون لوقت طويل، مما يجعله أكثر عنفا وضيقا، فهل يؤثر التليفزيون على الجهاز العصبى للإنسان؟
يجيب الدكتور عبد الهادى، مصباح أستاذ المناعة عضو الأكاديمية الأمريكية للمناعة قائلا:
"نشرت مجلة "ساينتفك أمريكان" بحثا مهما يوضح أن مشاهدة التليفزيون بشكل دائم ولوقت أكثر، مما ينبغى يمكن أن يؤدى إلى حالة من الإدمان تؤثر على حياة الشخص وصحته الجسدية والنفسية.
ويمكن أن تنعكس نتائج هذا الإدمان على انتاجة وتركيزه وذاكرته شاملا كل المضاعفات التى تندرج تحت بند الإدمان.
ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا أن فترة مشاهدة التليفزيون يوميا تتراوح ما بين 2: 3 ساعات فى الدول الصناعية المتقدمة.
وربما أكثر من ذلك فى الدول النامية، حيث تصل فترة مشاهدة التلفزيون إلى 4: 5 ساعات يوميا فى المتوسط.
ومعنى ذلك أن الإنسان إذا عاش حتى سن الخامسة والسبعين فإن حوالى 8 سنوات من عمرة قد ضاعت فى الفرجة على التليفزيون.
وفى استطلاع للرأى بمعهد "جالوب" الأمريكى تبين أن حوالى 10 % من البالغين الذين شملهم الاستطلاع يصفون أنفسهم بأنهم مدمنون الجلوس أمام شاشة التلفزيون ومشاهدته بغض النظر عما يعرضه من برامج أو أفلام.
وفى محاولة لمعرفة التغيرات الذهنية والعصبية، وكذلك التأثيرات الفسيولوجية لمشاهدة برامج التليفزيون فقد تم تصميم الدراسة.
بحيث يمكن تركيب أجهزة معينة لهؤلاء الأشخاص الذين يجلسون لفترات طويلة أمام التلفزيون، بحيث يتم من خلالها رسم المخ وقياس مقاومة وحرارة الجلد وسرعة نبضات القلب والتنفس.
وذلك خلال ساعات الليل والنهار المختلفة، وأثناء الأنشطة اليومية العديدة للإنسان مثل النوم ومشاهدة التلفزيون والقراءة وممارسة الرياضة وغيرها.
بحيث يتم تسجيل موجات رسم المخ ومقارنته مع تقرير النشاط الذى يسجله فى موعدة ويبلغ به المركز، بحيث يتم مراجعته ومقارنته بالوظائف الحيوية المختلفة.
ويؤكد الدكتور مصباح أن الدراسة تبين أن مشاهدة التليفزيون لفترات طويلة يجعل الإنسان يشعر بالذنب والضيق لشعور الإنسان أنه قد أضاع وقتا طويلا دون أن يفعل شيئا هاما، خاصة فى الفئات المتعلمة من الطبقات المتوسطة، إلا أنه فى الوقت نفسه يجد معاناة كبيرة فى الإقلاع عن المشاهدة.
وقد أوضحت نتائج فحص رسم المخ أن قياس موجات "ألفا" أثناء مشاهدة التليفزيون تكون أكثر منها أثناء القراءة، مما يوضح أن المخ يكون أقل تنبيها واستيقاظا عند مشاهدة التليفزيون.
ولعل هذا يوضح خطورة قضاء أوقات راحتهم بين المذاكرة فى مشاهدة التليفزيون فالأفضل أن يسترخى الطالب أو يمارس بعض الرياضة أو يلجا إلى تقوية الجانب الروحى عنده مثل الدخول فى الصلاة أو قراءة القرآن وغيرها.
والمدهش أيضا فى نتائج هذه الدراسة أن الإحساس بالاسترخاء الذى ينتاب الإنسان أثناء المشاهدة يضيع بمجرد غلق التليفزيون إلا أن الإحساس بالسلبية وركود نشاط المخ يستمر حتى بعد القيام من أمام الشاشة.
وكأن الطاقة الحيوية التى كانت موجودة داخل الإنسان قد تبددت على عكس ما يحدث أثناء القراءة أو ممارسة الرياضة أو ممارسة بعض الهوايات التى يحبها الإنسان، حيث تحشد هذه الأنشطة الطاقة داخل الإنسان وتجعله يشعر أنة أفضل.
وربما يكون للتعرض للموجات الكهرومغناطيسية دخل فى هذا الشعور أيضا.
إن معظم مدمنى مشاهدة التليفزيون يشاهدون أكثر مما ينوون مشاهدته بغض النظر عن نوعية البرامج التى يشاهدونها تماما مثل المدمن الذى يزيد من كمية المخدر التى يتناولها حتى يحدث له الأثر النفسى والبيولوجى الذى اعتاد عليه.
وهو ما يطلق عليه فى الإدمان المقاومة، حيث إن الإضاءة المبالغ فيها والأصوات والصور المتلاحقة التى يصدرها التلفزيون من أجل جذب نظر المشاهد تضره وتشتته وتؤثر علية من الناحية الفسيولوجية.
الكاتب: أمل علام
المصدر: موقع اليوم السابع